الوقائع – خاص:

في خطوة تصعيدية تحمل أبعادا استراتيجية إقليمية ودولية، أعلن مركز تنسيق العمليات (HOCC) في صنعاء عن حظر عبور السفن المملوكة لـ”إسرائيل” في البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، حتى يتم تنفيذ كافة مراحل الاتفاق المتعلق بغزة.

هذا الإعلان، الذي نقلته وسائل إعلام دولية مثل موقع TradeWinds المختص بأخبار الشحن العالمي، يعكس تحولا جذريا في قواعد اللعبة بالمنطقة، حيث يضع اليمن ثقله في قلب المعادلات الإقليمية والدولية.

رسالة اليمن: البحر الأحمر ليس مفتوحا للجميع

قرار صنعاء يبرز تحوّل اليمن من موقع المتلقي إلى الفاعل المؤثر، حيث تمثل سيطرته على خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر ورقة ضغط حاسمة في مواجهة أي اعتداءات إسرائيلية أو دولية.

ووفقا للإعلان، فإن هذه لا تقتصر على السفن الإسرائيلية، بل تشمل تهديدا بفرض عقوبات بحرية على أي دول معادية حال استمرار العدوان على اليمن.

هذا القرار يتزامن مع تصريحات قائد الثورة اليمنية، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي أكد استعداد الشعب اليمني لجولات قادمة لدعم القضية الفلسطينية بمستويات أعلى من الأداء والتأثير.

القائد الحوثي، في كلمته الخميس الماضي أعاد رسم الأولويات الوطنية والإقليمية لليمن.. موضحا أن اليمن لن يكون بمعزل عن التحولات الجارية، بل جزءا من محور المقاومة الممتد من غزة إلى طهران مرورًا بصنعاء.

معادلة الردع اليمنية: قوة رغم الحصار

وفقًا لما أعلنه السيد الحوثي، نفذت القوات اليمنية أكثر من 1255 عملية عسكرية، شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية، واستخدام طائرات مسيرة وزوارق حربية، في إطار دعمها لغزة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

هذه العمليات تأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعاني منها الشعب اليمني بسبب الحصار المستمر، ما يضيف بعدًا ملهمًا لصمود اليمنيين وقدرتهم على توظيف إمكاناتهم المحدودة لتحقيق تأثير استراتيجي.

البحر الأحمر: شريان عالمي أم ميدان مواجهة؟

البحر الأحمر ليس مجرد ممر مائي استراتيجي؛ إنه شريان اقتصادي حيوي للتجارة العالمية، حيث تمر نسبة كبيرة من النفط والبضائع عبره. قرار صنعاء بمنع السفن الإسرائيلية يعيد تسليط الضوء على أهمية هذا الممر وتأثير التحكم فيه على ميزان القوى الإقليمي.

هذه الخطوة ليست فقط رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضا إلى القوى الدولية التي تدور في فلكه. اليمن يعلن بوضوح أن أي تهديد لأراضيه أو توجهاته السياسية سيقابل بتصعيد قد يمتد تأثيره إلى الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل اعتماد التجارة الدولية على استقرار خطوط الملاحة.

أبعاد إقليمية ودولية: محور المقاومة يتوحد

إعلان صنعاء يأتي في سياق إقليمي أوسع يتسم بتنامي التعاون بين قوى المقاومة في المنطقة. الرسالة هنا واضحة: أي محاولة لفرض الهيمنة الإسرائيلية أو الأمريكية على المنطقة ستواجه بردود أفعال متسقة بين دول المحور، بدءا من اليمن وحتى فلسطين.

اليمن، الذي يعاني من حرب طويلة وحصار اقتصادي خانق منذ عشر سنوات، لا يزال قادرا على تغيير المعادلات الإقليمية، مؤكدًا أن صوته مسموع وأنه لاعب لا يمكن تجاهله.

تحذيرات صنعاء للعالم من تجاهل مطالبها، وتهديدها بإعادة فرض عقوبات بحرية، يضعان القوى الدولية أمام خيار صعب بين الاستمرار في دعم الاحتلال أو البحث عن تسويات تحفظ استقرار المنطقة.