السبت, أغسطس 2, 2025
- Advertisment -
Google search engine
الرئيسيةالأخبار الرئيسيةغزة تحت العدوان والتجويع.. أطفال يموتون وأمهات تُقاوم !

غزة تحت العدوان والتجويع.. أطفال يموتون وأمهات تُقاوم !

الوقائع| تقرير

غزة اليوم، في قلب كارثة لا تُقاس فقط بقذائف القصف، بل بموت بطيء يفتك بالجوع.. هنا، يصارع الأطفال النحول بدل الرصاص، وتُكتب فصول من أفظع مأساة التاريخ المعاصر في القطاع.

بينما تغرق عواصم العالم في تصريحات مترددة، تُناضل أمهات غزة من أجل البقاء، ويحفرن الأرض يائسًا، يرضعن من عظامهن، ويحوّلن دموعهن إلى شعلة تحمي فلذات أكبادهن من موت لا يُحتمل تحت وطأة المجاعة.

أمهات.. لا يملكن إلا قلوبًا تُقاوم
لم تعد الأمهات في غزة تكتفين بالبكاء على صغارهن؛ بل أصبحن يقاومن الجوع بالسُهاد، يبحثن عن قطرات ماء أو بقايا فتات، يحوّلن أرغفة مفقودة إلى أحلام مستحيلة.. تقول أمٌّ فقدت توأمَيها بسبب الجوع:

“كانا يبكيان لأن معدتهما فارغة.. واليوم، أصبحت معدتي فارغة منهما.”

المرأة الغزّية اليوم لم تعد فقط رمزًا للثبات، بل أصبحت مقاتلة ضد الفناء، تُجابه انعدام الطعام والعلاج والوقود، وسط بيئة موتٍ جماعي، لا تفرّق بين صغير وكبير، سوى أن الصغار يرحلون أولًا.

أطفال غزة.. أجسادٌ تتآكل ببطء تحت نظر العالم
أطفال بلا حليب، بلا طعام، بلا دفء.. لا مدارس، لا ألعاب، لا أحلام، فقط أجسادٌ تتحلل تحت أشعة الشمس، تُرهبها الطائرات ويُبكيها الخبز المفقود.

مشاهد الأطفال وقد تحولوا إلى هياكل حيّة لم تعد نادرة، بل هي الواقع اليومي في غزة.. طفل يحمل كيس طحين أكبر من جسده، آخر يُسعَف بعدما أُغمِي عليه في طابور غذاء، وثالث استُشهد وهو يحاول التقاط علبة طعام سقطت من إنزال جوي في “منطقة حمراء” ممنوع الوصول إليها.

في غزة، يُقدّر اليوم أن طفلًا يموت كل 10 دقائق بسبب المجاعة أو سوء التغذية.. لا من جرّاء القصف، بل لأن كوبًا من الحليب أصبح أداة مقاومة، وصندوقًا من الدقيق يعادل نجاة أسرة بأكملها.

إنزال جوي أم استعراض مخادع؟

تحاول بعض الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، أن تُجمّل صورتها أمام الكاميرات من خلال إنزال المساعدات الجوية إلى غزة، وكأنها تقدّم حبل نجاة للغارقين.. لكن الحقيقة الفجّة أن ما يُسقط من السماء لا يساوي مجتمعةً أكثر من شاحنتين من المساعدات، بينما يُلقى الكثير منه في مناطق غير آمنة أو في أماكن مكتظة بالنازحين، مسببًا فوضى وسقوط ضحايا.

“هذه ليست مساعدات، بل رشوة سياسية للضمير العالمي”، كما يقول أحد الناشطين الإغاثيين داخل القطاع، مضيفًا: “يريدون أن يُسكِتوا صرخات الجياع بقُرْص بسكويت، بينما تستمر المجازر وتُغلق المعابر”.

المنصات الإعلامية تسميها “ممرات إنسانية”، بينما الواقع يقول إنها ممرات إلى مقابر الأطفال.. كيف تكون المساعدة إنسانية، وقد تُلقيها طائرة شاركت قبل ساعات في قصف أحد أحياء غزة؟!

الإنزال الجوي ليس سوى عرض استعراضي، هدفه صرف الأنظار عن الجريمة الأساسية: الحصار والقتل.

ما يحتاجه القطاع ليس قُطَعًا من الطعام تتساقط من السماء، بل قرارًا واضحًا بفتح المعابر وإنهاء سياسة التجويع الجماعي ووقف العدوان.

غزة في قلب المجاعة: هذا ليس فقرًا.. بل قرار بالإعدام
في ظل إغلاق المعابر منذ أشهر، تُمنع مئات الشاحنات من الدخول يوميًا، رغم حاجة القطاع إلى 600 شاحنة فقط لتغطية الحد الأدنى.. ما يصل فعلًا لا يتجاوز 4% من ذلك.

ويُقدّر أن أكثر من 40 ألف رضيع محرومون تمامًا من حليب الأطفال.. وتشير التقارير الدولية إلى أن واحدًا من كل 3 أشخاص في غزة لم يأكل منذ أيام.. هذا ليس فشلًا إنسانيًا.. هذا قرارٌ سياسيٌ بالعطش والجوع.

نقطة اللاعودة: الجريمة تتعمّق.. والسكوت لم يعد ممكنًا

أرقام المجاعة والموت تُوثّقها وكالات أممية، لكن العدو الإسرائيلي يُواصل استهداف مناطق توزيع المعونات، والمجتمع الدولي يُواصل تكرار بيانات الإدانة المعلبة.

“طفلي مات بين ذراعيّ وأنا أبحث له عن علبة حليب” هذه شهادة ليست من فيلم خيال، بل من يوميات أمّ من غزة.

في تقريره الأخير، قال مفوض الأونروا فيليب لازاريني: “السيناريو الأسوأ يحدث الآن، وقد تجاوزنا عتبة المجاعة”.. لكن لا تحرك دوليًا يُذكر.. فقط أمهات يُقاتلن الجوع بأظافر الإرادة، وأطفالٌ يموتون بصمت، فيما تُشاهدهم العدسات كأنهم صور لا تُحرّك الضمائر.

نداء مقاومة.. لا استغاثة

المأساة في غزة لا تحتاج إلى “هدنة إنسانية” تُمنح من مُحتل مجرم، ولا إلى إنزال جوي يُستخدم كذريعة لتلميع وجوه الأنظمة المتواطئة، بل تحتاج إلى موقف حقيقي، إلى كسر كامل للحصار الجائر، إلى فتح المعابر بلا قيد أو شرط، وإلى إدخال الغذاء والدواء بشكل فوري ودائم.

غزة لا تطلب الإحسان، بل تُطالب بحقها.. هذه ليست لحظة “مساعدات طارئة”، بل لحظة كشف للمواقف.. كل تأخير في إدخال الطعام هو مشاركة فعلية في الجريمة.. كل صمت عن إغلاق المعابر هو دعم مباشر لحصار الموت.

المجتمع الدولي مطالب بالفعل، لا بالبيانات الإنشائية.. البيانات لا تُطعم الجائعين، ولا توقف المجازر, حليب الأطفال لا ينتظر القرار الأمريكي، ولقمة العيش لا تحتمل لجانًا ثلاثية أو مؤتمرات دولية تُعقد بينما يموت الأطفال على أبواب الأفران المغلقة.

هذا ليس نداء استغاثة من غزة، بل نداء مقاومة.. من لا يسمع الآن، فلن ينجو من تبعات الصمت لاحقًا.

غزة لا تحتاج عطفًا.. بل شرفاء يحملون المسؤولية

في هذه اللحظة، تخوض غزة معركتها بالأمعاء الخاوية، وبالأمهات الصامدات، وبالأطفال الذين يواجهون الموت بأعين بريئة.. المعركة ليست فقط بين محتل ومقاومة، بل بين حضارة وجريمة، بين إنسانية ميتة، وشعب لا يموت.

غزة تُقاوم، وتُجوع، وتُقصف، لكنها لن تركع.. فمن سيقف معها؟ ومن سيتذكّر الأطفال الذين كانوا يحلمون فقط بكسرة خبز؟

مقالات ذات صلة