الوقائع – خاص:
على مشارف بيتونيا غرب رام الله، ارتفعت اصوات التكبير وتعالت زغاريد النساء، فيما توافدت الحشود لاستقبال الاسرى المحررين. مشهد يجمع بين الدموع والابتسامات؛ دموع فرح ممزوجة بمرارة القهر الذي خلفته سنوات الاسر. إنه يوم تاريخي يكتب فيه الفلسطينيون فصلا جديدا من الصمود، وتهتف فيه الارض للكرامة والحرية.
الاسرى المحررون: فجر جديد يضيء ظلمات الاسر
صفقة التبادل لم تكن مجرد خطوة سياسية، بل كانت مشهدا انسانيا مؤثرا، عكس العزيمة الفلسطينية المتجذرة. في غزة، حيث تجتمع الحياة والموت في مشهد يومي، أطل الاسرى المحررون كنسيم صباح يحمل الامل. شوارع القطاع غصت بمركبات المقاومة، والاعلام الفلسطينية زينت السماء، بينما تغنت الاناشيد الوطنية بحكايات البطولة.
“كيف لقلوب أنهكتها المآسي أن تتسع لهذه الفرحة الكبيرة؟” سؤال يطرحه المشهد، ولكن الاجابة تكمن في عزيمة هذا الشعب، الذي يحول الالم إلى امل، والقهر إلى قوة تدفعه نحو التحرر.
مشاهد تهزم الرواية الصهيونية
الاحتلال، الذي طالما حاول أن يُلبس جرائمه ثوب الانسانية أمام العالم، وجد نفسه مكشوفا أمام عدسات الحقيقة. صور الاسرى المحررين، وهم يتنفسون عبق الحرية بعد سنوات الاسر، قضت على كل ادعاءات الاحتلال. كيف يمكن لاسرى خرجوا من معاناة السجون أن يظهروا بهذا الشموخ، بينما تكشف رواياتهم حجم الانتهاكات والاهمال المتعمد؟
من أبرز المشاهد التي هزت العالم، صورة اسيرة إسرائيلية تقبل رأس أحد مقاتلي المقاومة الفلسطينية، تعبيرا عن امتنانها لحسن معاملتها داخل الاسر. مشهد صاعق أظهر الفرق الاخلاقي بين مقاوم يدافع عن أرضه وقيمه، ومحتل يتفنن في ممارسة القمع والبطش.
اطلاق سراح الاسرى: لحظات من الفخر والتحدي
في إطار صفقة تبادل الاسرى، أعلنت هيئة سجون الاحتلال عن اطلاق سراح 90 اسيرا فلسطينيا من سجن عوفر، بعد الافراج عن ثلاث اسيرات اسرائيليات من قطاع غزة. في بيتونيا غرب رام الله، كانت الحشود تنتظر بشغف، وفي عيون الجميع دموع فرح مغموسة بذكريات الانتظار الطويل.
وسائل الاعلام الفلسطينية وثقت مشاهد مؤثرة لوصول الاسيرة المقدسية زينة بربر إلى منزلها في القدس المحتلة، ولحظة لقاء الاسيرة روزة خويص مع عائلتها في العيساوية. لكن الفرحة لم تكتمل، حيث أفاد مكتب اعلام الاسرى عن نقص في أسماء بعض الاسرى المفرج عنهم، مما دفع الطواقم إلى التحرك الفوري لمتابعة القضية مع الصليب الاحمر والوسطاء.
غزة: الارض التي تقاتل عن الجميع
غزة، التي أراد الاحتلال أن تكون رمزا للعجز، تحولت إلى أيقونة للصمود والانتصار. من تحت الركام، يولد الامل، ومن بين الدمار، تخرج رسائل الكرامة. مشاهد الحافلات التي أقلت الاسرى إلى ديارهم حملت للعالم رسالة واضحة: غزة لا تنحني، والمقاومة الفلسطينية تفرض شروطها، رغم كل التحديات.
صمت مخجل وخيانة معلنة
في مقابل هذه اللحظات المؤثرة، يطل وجه آخر للمأساة؛ خيانة الأنظمة العربية التي هرولت نحو التطبيع، تاركة الشعب الفلسطيني يواجه مصيره. ورغم خذلان الاقرباء، إلا أن هذه الطعنات لم تضعف الفلسطينيين، بل زادتهم إصرارا على التمسك بحقوقهم.
فرحة الحرية: رسالة امل إلى العالم
لحظة عناق الاسرى المحررين لعائلاتهم ليست مجرد مشهد انساني، بل هي شهادة على قوة الارادة التي لا تهزم. الاطفال الذين احتضنوا آباءهم لأول مرة بعد سنوات من الفراق، والنساء اللاتي سالت دموعهن فرحا، جسدوا الوجه الحقيقي للقضية الفلسطينية.
إنها رسالة للعالم بأن التحرر ليس مستحيلا، وأن الشعوب التي تقاوم القهر قادرة على تغيير مسار التاريخ.
“سلام عليكم بما صبرتم”، هي العبارة التي تليق بشعب صنع من معاناته سلاحا ومن ألمه املا. الطريق إلى التحرير طويل، لكنه اليوم يبدو أقرب من أي وقت مضى.








